إن حياتنا اليومية مليئة بالقرارات المتخذة المخطط لها والعشوائية منها منذ بداية اليوم وحتى نهايته، وقد تتبلور لتظهر كقرارات منطقية أو عاطفية!
فقبل أن ندخل في عمق الاقتصاد السلوكي، علينا أن نسلط الضوء عن علم الاقتصاد بشكل عام وهو: مصطلح يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من الدراسات الإنسانيّة، والمتعلقة بطبيعة الاختيارات البشريّة المعتمدة على الاستفادة من الموارد المحدودة، ويتمُّ تقديم التحليل الاقتصاديّ؛ من خلال تنفيذ عمليات استنتاجيّة، مثل الاعتماد على المنطقية.
ولكن ما هو الاقتصاد السلوكي؟
- يعدّ علم الاقتصاد السلوكي أحد فروع علم الاقتصاد الحديث، إذ يهتم بدراسة العَلاقة بين علم النفس وعملية اتخاذ القرار الاقتصادي والمالي من قِبل المستهلكين. يركّز هذا العلم على دراسة العوامل النفسية، المعرفية، العاطفية والاجتماعية للمستهلكين المؤثرة على تفضيلاتهم الخاصة لمنتج معين على حساب منتج آخر.
فقد أبدت الشركات الكبرى جلّ اهتمامها لدراسة الاقتصاد السلوكي لفهم المستهلكين من النواحي النفسية والعاطفية لتأثير على قراراتهم في الشراء وبالتالي زيادة الطلب على منتجات/خدمات الشركة وزيادة أرباحها.
فلا طالما تسأل الأفراد عن أسباب شرائهم لمنتجات دون غيرها؟ رغم انها لم تكن ضمن قائمة المخطط لها، أو كانت مشتريات أتت في اللحظة الأخيرة كبعض الحلويات المعروضة أمام صندوق المحاسب!
عند رغبة الأفراد بشراء أحد المنتجات على سبيل المثال (حاسب آلي) فالقرار العقلاني يشير لهم باختيار الأرخص لتوفير مبلغ أكبر، لكن سلوك كثير من أفراد المجتمع تترك الخيارات ذات السعر الأقل لنفس المنتج وتختار دفع مبلغ أكبر بدلاً من الذهاب للأسواق والمتاجر البعيدة التي عرفت بأسعارها المنخفضة..
وبذلك توصلت الشركات من هذه الأمثلة أن احتياجات العميل ليس شرطًا أن تكون منطقية فقد تكون غالبًا عاطفية أو مرتبطة بعوامل سلوكية نفسية.
تطبيقات الاقتصاد السلوكي:
للوصول لأهدافك التجارية وتعظيم الأرباح من خلال فهمك بشكل أدق عن سلوك المستهلكين وطريقة التأثير على قرارتهم في الشراء إليك هذه التطبيقات:
- مبدأ النفور أو الخوف من الخسارة: بطبيعة البشرية يكره الانسان شعوره بالخسارة فيحاول اختيار البدائل التي تعطيه انطباعا بالربح أو الفوز، فمثلاً عند عرض البائع الشموع الكهربائية الموفرة واقتراحها بدلاً من الشموع الطبيعية (قابلة للذوبان) بحجة انها تبقى مدة أطول وتعطي أمان أكبر، فتزيد من رغبة المستهلك لشرائها وذلك لتحفيز سلوك النفور من الخسارة لديه.
- تأثير سعر الإغراء: أحد تطبيقات الاقتصاد السلوكي الذي يعمل على تغيير تفضيلات المستهلكين بين خيارين عند وضع خِيار ثالث بينهما غير متكافئ، فمثلاً عند دخولك لصالة السينما ورغبتك بشراء فشار وكانت الأسعار كالتالي: (الكبير 25 ريال – الصغير 12ريال) فقد تميل للخيار الذي يلبي احتياجك، لكن عند إضافة خيار غير متكافئ وهو: (الكبير 25 ريال – الوسط 24ريال– الصغير 12ريال)، فقد يدفعك لشراء المقاس الكبير لحصولك على صفقة أفضل.
- استخدام تأثير الارتساء: حيث يعمل تأثير الارتساء على توجيه تركيز المستهلك على معلومة واحدة في البداية لتكون له كمرجع أو معيار للمقارنات التي تتم بعدها لتحفز القرارات الشرائية الأخرى بغض النظر عن منطقية تلك القرارات من عدمها! على سبيل المثال؛ إذا كنت تمتلك متجر فمن المعزز للشراء عرض المنتج الأعلى سعراً في مدخل المحل ثم ترتب القطع الأخرى الأقل سعراً داخل المحل فعند وصول العميل لها تبنى في ذهنه مقارنة بأنه حصل على سعر ممتاز مقارنة بمستوى المعروض في أول المتجر.
- مبدأ عدم الإفراط في الاختيارات: كلما كثرت الخيارات على نفس المنتج قلت نسبة احتمالية شراء المنتج، حيث يصل المستهلك لمرحلة التخبط والضيق لعدم إمكانية من اختيار المناسب
ونرى ذلك واضحاً عند دخولنا لمتجر العطور والتنقل بين روائحها المختلفة دون تحديد نمط أو طريقة للفرز حسب الأفضلية أو الذوق مثل: أنواع المواد المعطرة، بلد الصنع، اسم الماركة التجارية، مستوى الأسعار..
في عالم الأعمال والتجارة تدرك الشركات أن فهمها وتطبيقها للاقتصاد السلوكي له تأثير عظيم في الوصول للعملاء ودفعهم لعملية الشراء مع اقتناعهم بما حصلوا عليه، ومن جهة أخرى تمت تلبية رغبة أصحاب المتاجر للوصول لتحقيق مبيعات وأرباح عالية، من خلال التأثير على العقل اللاواعي في عملية اتخاذ القرار.